يعتقد الرئيس ترامب والمتملقين من حوله أنه يخوض أنجح فترة رئاسية في حياة الأمريكيين. ولكن أرقام استطلاعات الرأي تثبت أمراً مختلفاً. وحتى ألطف تفسير لاستطلاعات الرأي العام حول ترامب وقيادته حتى الآن يخبرنا بأن الرئيس لا يحظى بشعبية كبيرة، وهو يرسخ صورة أكثر قسوة لأمريكا ترفضها أغلبية كبيرة من الناخبين.
لقد أمضى ترامب عطلة نهاية الأسبوع ينشر على نطاق واسع على منصة “Truth Social” صوراً مشرقة لنفسه مع عبارة “6 أشهر من النجاح” إلى جانب مقاطع فيديو، تم إخراجها عن طريق الذكاء الاصطناعي، تظهر اعتقال الرئيس السابق باراك أوباما. وهذا النوع من المنشورات الرئاسية المعتادة ينشرها عادة الرؤساء الواثقون من أنفسهم والمستقرون عاطفياً.
ومن بين المتملقين نائب رئيس الأركان ومساعد ترامب المفضل، ستيفن ميلر، نشر على موقع X: “الأشهر الستة الافتتاحية الأكثر روعة لرئاسة أمريكية في التاريخ”.
لكن الأرقام لا تكذب، لذلك دعونا نلقي نظرة على ما تقوله الأرقام عن هذه الأشهر الستة المذهلة من الفوز الرئاسي. فقد أظهر استطلاع رأي أجرته شبكة سي بي إس نيوز بين 16 و18 يوليو أن 58% من الأمريكيين لا يوافقون على طريقة إدارة ترامب لمنصبه كرئيس. ولم يوافق عليه سوى 42%، بانخفاض هائل بلغ 11 نقطة مئوية عن استطلاع أجرته سي بي إس نيوز في فبراير، وهذا لا يعكس شيئاً جيداً.
ونقلا عن استطلاعات غالوب، ذكرت صحيفة يو إس إيه توداي أن نسب تأييد ترامب في يونيو خلال العام الأول من كل ولاية من ولايتيه “أقل من أي رئيس معاصر آخر في نفس الفترة من إدارته”.
وتظهر متوسطات استطلاعات الرأي، من نيويورك تايمز إلى سي إن إن إلى يوغوف (YouGov) أن نسبة تأييد ترامب تتراجع إلى ما دون الأربعينيات. وإذا افترضنا أن ترامب رئيساً لجميع الأمريكيين فهو بعيد كل البعد عن الفوز بالشعبية التي يفترضها.
عند التعمق في أرقام استطلاعات الرأي، يتضح مدى عدم شعبية جزء كبير من أجندة ترامب في “عصره الذهبي”، حتى عندما يتعلق الأمر بقضايا حظي فيها بتأييد جيد في استطلاعات الرأي لفترة طويلة، مثل الهجرة والاقتصاد؛ حيث أظهر استطلاع سي بي إس نيوز الأخير أن 44% فقط يوافقون على تعامل ترامب مع الهجرة، بانخفاض عن 10 نقاط مئوية في مارس.
كما أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في 11 يوليو أن 35% فقط من الأمريكيين يوافقون على تعامل ترامب مع الهجرة، بينما أبدى 62% استياءهم، و45% استياءهم الشديد. والآن، وبعد أن رأى الأمريكيون عناصر دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) الملثمين يعتقلون المهاجرين الكادحين وينقلونهم إلى دول أجنبية أو يحتجزونهم في مراكز احتجاز محاطة بالتماسيح، يرى حوالي 30% فقط من الأمريكيين ضرورة خفض الهجرة – وكانت هذه النسبة 55% العام الماضي.
وهذا ما جاء في استطلاع غالوب نفسه: “يرى 79% من البالغين الأمريكيين، وهو رقم قياسي، أن الهجرة أمر جيد للبلاد”. وقد انخفض تأييد توظيف المزيد من ضباط الحدود بمقدار 17 نقطة مئوية منذ العام الماضي، ولا يرغب سوى 38% من المشاركين في ترحيل جميع المهاجرين غير المسجلين.
وأشار استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث الشهر الماضي إلى أن “حوالي ربع البالغين الأمريكيين (23%) يقولون إنهم قلقون للغاية من احتمال ترحيلهم أو ترحيل أحد أقاربهم”.
ومرة أخرى، لن يكون الفوز حليفك إلا إذا كنت تريد أن تسير الأمور على طريقتك ولا تهتم بما تريده أغلبية مواطنيك، وهو ما كان منذ فترة طويلة سمة مميزة لحركة “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”.
أظهر استطلاع رأي حديث أجرته وكالة أسوشيتد برس ونورك أن حوالي نصف الأمريكيين “يشعرون أن سياسات ترامب أضرت بهم أكثر مما ساعدتهم”، بينما قال ربع المشاركين فقط إنها ساعدتهم.
كما أظهر استطلاع سي بي إس نيوز أن 60% من الأمريكيين يعارضون رسوم ترامب الجمركية على السلع المستوردة، وأن 36% فقط يوافقون على تعامله مع التضخم، وأن 25% فقط من الناخبين يعتقدون أن “مشروع القانون الكبير والجميل” الذي وقّعه ترامب مؤخراً سيفيدهم بأي شكل من الأشكال، بينما يعتقد 47% أنه سيضرهم.
ويبيّن استطلاع رأي أجرته جامعة كوينيبياك في 16 يوليو أن ترامب يعاني من تراجع كبير في سياساته بشأن الهجرة والتجارة والاقتصاد والترحيل والسياسة الخارجية والحرب بين روسيا وأوكرانيا والحرب بين إسرائيل وحماس والرسوم الجمركية.
أما بخصوص فضيحة جيفري إبستين المستمرة، فقد وجد استطلاع كوينيبياك أن 63% من الناخبين لا يوافقون على طريقة تعامل إدارة ترامب مع القضية.
وفي المجمل، ثمة استنتاج لا مفر منه: 6 أشهر من الهزيمة للرئيس ترامب وإدارته، في كل قضية تقريباً. فهو لا يتمتع بشعبية واسعة كما تظهر الأرقام، وما يفعله غير مرغوب فيه، وهذا النقص في الشعبية لن يساعده في ظل استمرار فضيحة إبستين في خنق رئاسته.
المصدر: USA Today
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب