وعبر مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية عن الارتياح لان الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية جاران الى حد التلاصق وان الواحد يقع على مرمى حجر من الآخر الأمر الذي يعتبره مساعد الرئيس بوتين علامة مهمة على علاقات يجب ان تتقوى.
أثار الإعلان عن ألاسكا مكانا لقمة طال انتظارها؛ في الشارع الروسي ذكريات الماضي؛ حين قرر القيصر الكسندر الثاني بعد سنوات من التردد والجدل داخل العرش الروسي المتكأ على ان القيصر ظِل الرب على الأرض؛ ورأس الكنيسة الأرثوذكسية التي فشلت في استمالة سكان” اميركا الروسية او روسيا الأميركية ”
الى الدخول في الارثوذكسية، والتخلي عن الوثنية والطواطم والسحرة و تقديس الآيل وعجول البحر وربما ما يزال غالبية السكان في ياقوتيا الروسية التي تشترك مع ألاسكا بقساوة الطقس، عبدة أوثان او أنهم بلا دين كما الحال في الحقبة السوفيتية التي انتشرت فيها نكات ” تؤرخ ” لصفقة بيع ألاسكا منها ان مواطن من ياقوتيا؛ ويضرب بهم المثل في البساطة إلى حد السذاجة، وقف في الساحة الحمراء ورفع لافتة كتب عليها
” اللعنة على القيصر؛ اللعنة اللعنة” وحين القت الشرطة السوفيتية القبض عليه وحققت معه؛ سألوه : ماذا تريد ان تقول بهذه اللافتة؛ القيصرية انتهت في روسيا عام 1917 والقياصرة كلهم تحت أديم الأرض منذ عقود!
رد الياقوتي بقوة وصدق: ملعون لأنه باع ألاسكا للأميركان ولم يلطعنا معهم!
والقصد من النكتة الخبيثة ان الحياة في أميركا أفضل من الاتحاد السوفيتي.
إلى الان يختلف الباحثون القوميون الروس حول صفقة ألاسكا؛ فمنهم من يقول إن الكسندر الثاني باعها تحت ضغط” التحالف الماسوني اليهودي” المتغلغل في أجهزة الدولة القيصرية، وأخرون يؤكدون انها لم تكن صفقة بيع؛ بل تأجير لمدة 99 عاما كان يجب ان تنتهي العام 1968 ؛ في عهد الزعيم السوفيتي ليونيد بريجنيف؛ وكانت الحرب الباردة بين العملاقين النورين في ذروتها رغم الانفراج.
لكن ورثة القياصرة، بوريس يلتسين أول رئيس لروسيا بعد انفراط عقد الاتحاد السوفيتي، وكان عمل على رد الاعتبار للقيصر نيكولاي الثاني وأسرته، لم يعمل على استعادة حقوق روسيا من الاميركان حين كانت العلاقات في عهده مع البيت الأبيض؛ دهن على عسل ولم يفكر باستعادة ألاسكا سنة انتهاء العقد، حين قرر ألكسندر الثاني تأجيرها وفقا لرواية الحنابلة الروس، او بيعها وفقا للمؤرخين؛ ولم تكن غير يباب بلا زرع ولا ضرع؛ ولم يكتشف الذهب في أعماقها إلا بعد عقود من الصفقة المثيرة للجدل الى اليوم.
في فترة حكم القيصر ألكسندر الثاني؛ اخذ الجدل حول مصير ألاسكا سنوات الى ان أخذ الدوق الكبير قسطنطين، وهو الأخ الأصغر للقيصر، بالضغط من أجل تسليم “أمريكا الروسية” إلى الولايات المتحدة في العام 1857. وذكر الدوق في مذكرة أرسلها إلى وزير الخارجية ألكسندر غورتشاكوف أنه:
“يجب ألا نخدع أنفسنا، وعلينا أن نتوقع أن الولايات المتحدة، التي تهدف إلى توسيع أراضيها وترغب في السيطرة على أمريكا الشمالية بشكل كامل، ستنتزع منا المستعمرات المذكورة أعلاه ولن نتمكن من استعادتها”.
حين عرضت رسالة الدوق قسطنطين على أخيه القيصر ألكسندر الثاني؛ كتب على صفحتها الأولى: «هذه الفكرة جديرة بالاعتبار».
وبعد مناقشات ومفاوضات متعددة الجوانب وعروض أسعار مختلفة تمخضت المفاوضات عن توقيع المعاهدة في 30 مارس من العام 1867، وتحديد سعر الشراء بمبلغ 7.2 مليون دولار . او ما يقارب السِنْتَين للفدان الواحد (4.74 دولار مقابل كل كيلومتر مربع).
تعد ألاسكا وتسلسلها 49 أكبر ولاية في الولايات المتحدة الأمريكية وتوازي مساحتها خُمس بقية الولايات، وأكثر من ضعف مساحة تكساس؛ اذ تبلغ مساحتها 1,518,77كيلومتر مربع لكن حجمها الكبير يقابله تعداد سكاني قليل نسبة إلى المساحة.
تتميز ألاسكا أنها ولاية منفصلة عن بقية أراضي الولايات المتحدة فهي تقع شمال غرب كندا، ويفصلها عن ولاية واشنطن (800 كيلومتر).
يطلق سكان ألاسكا على باقي الولايات بال48 السفلى و يعتقد أن كلمة ألاسكا نحتت من كلمة إلياسكا، بمعنى الأرض الأكبر أو الأرض الأم في لغة شعب الألويت الإسكيمو.
بعض المراقبين يلمحون إلى إن ترامب المعروف بحبه للعروض على الطريقة الهوليودية؛ ولا عجب فقد كان سمسار حفلات ملكات الجمال وعارضات الأزياء؛ اختار ألاسكا مكانا للقمة مع بوتين؛ وهو أول رئيس روسي او سوفيتي تطأ قدماه بلاد الاسكيمو؛ ليقول إن الارض ليست شيئا مقدسا وانه يمكن بيعها لقاء الربح؛ كما فعل القيصر ألكسندر الثاني قبل قرن ونصف؛ طمعا في المال؛ بعد أن خرجت روسيا منهزمة من حرب القرم مع بريطانيا، العدو اللدود لروسيا الى اليوم مع اختلاف الانطمة وعلى مدى القرون.
لعل ترامب يريد ان يبعث بإشارة إلى زيلينيسكي الرافض إلى اليوم الاعتراف بهزيمة قواته في الدونباس وانضمام المقاطعات الأربع إلى روسيا وان عليه ان يتذكر ألكسندر الثاني،الحاكم بامر الله على روسيا وأوكرانيا وتوابعهما.
سلام مسافر
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب